الأربعاء، 8 أكتوبر 2025

المنافسة التقنية بين الدول: سباق نحو المستقبل


ولوجيا هي المحرك الحقيقي للقوة العالمية. ما عاد التفوق العسكري أو الاقتصادي وحده كافيًا، بل أصبح التفوق التقني هو العامل الأهم في تحديد مكانة الدول. كل دولة اليوم تحاول تثبت وجودها في هذا السباق العالمي نحو المستقبل، سواء في مجالات الذكاء الاصطناعي، أو الفضاء، أو الطاقة المتجددة، أو حتى الاتصالات الكمية.

وأنا أتابع الأخبار التقنية كل يوم، ألاحظ أن المنافسة ما صارت مجرد تطور طبيعي، بل تحولت إلى سباق استراتيجي بين القوى الكبرى. الصين مثلًا تستثمر مليارات الدولارات في تطوير الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية، وتسعى لتكون الأولى في مجال شبكات الجيل السادس (6G). بينما الولايات المتحدة تركز على تطوير أشباه الموصلات والحواسيب الكمية، وتحاول تحافظ على تفوقها في مجالات الابتكار وريادة الأعمال التقنية.

أما أوروبا، فهي تحاول رسم طريق مختلف. تهتم أكثر بالجانب الأخلاقي للتكنولوجيا، مثل حماية خصوصية المستخدمين وتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي. ومن جهة أخرى، نلاحظ دول الخليج – خصوصًا السعودية والإمارات – بدأت تدخل السباق بقوة من خلال الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والروبوتات والمدن الذكية، مثل نيوم في السعودية، اللي تعتبر واحدة من أجرأ المشاريع المستقبلية في العالم.

هذا التنافس ما هو مجرد استعراض عضلات، بل له تأثير مباشر على حياة الناس. فكل ابتكار جديد في مجال التقنية ينعكس على الاقتصاد، وفرص العمل، وحتى التعليم والصحة. مثلًا، التقدم في الذكاء الاصطناعي غيّر طريقة تحليل البيانات، وسهّل التشخيص الطبي، وفتح أبواب جديدة في التعليم عن بعد. لكن بنفس الوقت، خلق تحديات مثل فقدان بعض الوظائف التقليدية وازدياد خطر استخدام التقنية لأغراض غير أخلاقية.

الجميل في الموضوع إن التكنولوجيا اليوم ما عادت حكرًا على الدول الكبرى. كثير من الدول الصغيرة بدأت تطور أنظمتها التقنية بذكاء، وتبني شراكات استراتيجية، وتستفيد من الثورة الرقمية في تحسين مستوى المعيشة وبناء اقتصادات جديدة.

برأيي، المنافسة التقنية بين الدول راح تحدد شكل العالم خلال العشر سنوات القادمة. يمكن نشوف تحالفات جديدة مبنية على الابتكار بدل السياسة، ويمكن نسمع عن "حروب رقمية" بدل التقليدية. لكن الأكيد إن المستقبل صار يُصنع في المختبرات ومراكز البيانات أكثر من ساحات المعارك.

وفي النهاية، هذا السباق ما راح يتوقف، لأن كل دولة تعرف أن اللي يسيطر على التكنولوجيا اليوم، هو اللي راح يملك الغد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق